كان سبب الجمع في عهد أبي بكر : خشية من ذهاب شيء من القرآن بذهاب حفظته
كان القرآن الكريم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم محفوظاً في صدور الرجال، ولم يكن مجموعاً في موضع واحد، وكان هذا الوضع يعرض القرآن الكريم للخطر، فقد حدث في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن وقعت غزوة اليمامة، حيث قُتل فيها عدد كبير من الصحابة، وكان من بينهم كثير من حفاظ القرآن الكريم، مما أثار مخاوف المسلمين من أن يذهب جزء من القرآن مع هؤلاء الشهداء.
وقد عبّر عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن هذه المخاوف بقوله لأبي بكر رضي الله عنه: "إني أخشى أن يهلك هذا القرآن بعدك، فلا تزال طائفة من الناس يقرؤونه، ثم يموتون، ثم تموت تلك الطائفة، فيأتي قوم لا يعرفون القرآن ولا يعرفون من يقرؤه، فماذا ترى؟".
فأجابه أبو بكر رضي الله عنه: "إن هذا الذي ذكرت حق، فلا بد من جمع القرآن".
وهكذا أمر أبو بكر رضي الله عنه زيد بن ثابت رضي الله عنه، وهو من حفاظ القرآن ومن كتاب الوحي، أن يجمع القرآن من الرقاع والعظام والسعف وصدور الرجال، فجمعه زيد رضي الله عنه على وجهه الذي كان عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مرتب الآيات والسور، مشتملاً على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.
وهكذا تحققت خشية المسلمين من ذهاب القرآن بذهاب حفظته، وتم جمع القرآن الكريم في مصحف واحد، ليكون مرجعاً للمسلمين في كل زمان ومكان.
التفسير الموسع
كان جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه حدثاً عظيماً في تاريخ الإسلام، وله أهمية كبيرة من عدة جوانب:
- الجانب الديني: فقد ساهم جمع القرآن في حفظ القرآن الكريم من الضياع، وجعله مرجعاً للمسلمين في كل زمان ومكان.
- الجانب العلمي: فقد ساهم جمع القرآن في حفظ القواعد اللغوية والنحوية للقرآن الكريم، وساهم في تطوير علم القراءات القرآنية.
- الجانب التاريخي: فقد ساهم جمع القرآن في حفظ تاريخ الإسلام وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وهكذا كان جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه حدثاً عظيماً، ساهم في حفظ القرآن الكريم ونشره بين المسلمين، وجعله من أهم مصادر التشريع الإسلامي.