التفسير الموسع
يقول الله تعالى في سورة آل عمران:
{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}
أي أن أهل الكتاب غير متساوين في إيمانهم وأخلاقهم، بل منهم المؤمنون، وهم الذين آمنوا بالله واليوم الآخر، وبما جاء به الأنبياء، وبما جاء في التوراة والإنجيل، وهؤلاء هم الذين يقومون بأمر الله ويتبعون شريعته، ويقرأون آياته آناء الليل وأطراف النهار، ويسجدون له خاضعين.
ومنهم المجرمون، وهم الذين كفروا بالله واليوم الآخر، وبما جاء به الأنبياء، وبما جاء في التوراة والإنجيل، وهؤلاء هم الذين ارتكبوا الجرائم والمعاصي، وخالفوا أمر الله وشريعته.
وهذا المعنى واضح من الآية الكريمة، حيث ذكرت الآية الفريقين من أهل الكتاب، الفريق المؤمن، والفريق المجرم، وذكرت صفاتهم وأعمالهم.
وهذه التفرقة بين أهل الكتاب ليست تفرقة عرقية أو قومية، بل هي تفرقة دينية وأخلاقية، فالمؤمنون من أهل الكتاب هم من آمنوا بالله واليوم الآخر، وبما جاء به الأنبياء، وهؤلاء هم المسلمون في الحقيقة، وإن لم يكونوا مسلمين بالاسم.
أما المجرمون من أهل الكتاب فهم الذين كفروا بالله واليوم الآخر، وبما جاء به الأنبياء، وهؤلاء هم الكفار في الحقيقة، وإن كانوا مسلمين بالاسم.
وهذا المعنى هو الذي أكده القرآن الكريم في مواضع أخرى، منها قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}
أي أن المؤمنين من أهل الكتاب لهم أجرهم عند ربهم، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وقوله تعالى:
{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}
أي أن من أهل الكتاب من يؤمن بالله وبكتبه، وهؤلاء لهم أجرهم عند ربهم.
وبناءً على هذا المعنى، فإن التفرقة بين أهل الكتاب ليست تفرقة عرقية أو قومية، بل هي تفرقة دينية وأخلاقية، فالمؤمنون من أهل الكتاب هم المسلمون في الحقيقة، وإن لم يكونوا مسلمين بالاسم.