ابتكر المسلمون منهج التأليف حسب الطبقات في القرن الثاني الهجري، وكان أول من اعتمد هذا المنهج في علم الفقه هو الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى عام 224 هـ في كتابه "الأموال". وقد بنى الإمام أبو عبيد هذا المنهج على أساس ترتيب الفقهاء حسب تتابعهم الزمني، حيث بدأ بذكر أقدم الفقهاء في الإسلام، وهم الخلفاء الراشدين، ثم تبعهم الصحابة، ثم التابعون، ثم طبقات الفقهاء المتأخرين.
وقد انتشر منهج التأليف حسب الطبقات في علم الفقه بعد ذلك، وأصبح من أشهر مناهج التأليف في هذا العلم. وقد كتب العديد من الفقهاء المسلمون كتباً في الفقه على هذا المنهج، ومن أشهر هذه الكتب:
- "الطبقات الكبرى" لابن سعد المتوفى عام 230 هـ.
- "طبقات الفقهاء" للإمام الشافعي المتوفى عام 204 هـ.
- "طبقات الفقهاء" للإمام أحمد بن حنبل المتوفى عام 241 هـ.
- "طبقات الفقهاء" للإمام أبي يعلى الموصلي المتوفى عام 458 هـ.
وقد اعتمد علماء الفقه منهج التأليف حسب الطبقات لعدة أسباب، منها:
- تسهيل دراسة الفقه، حيث يتمكن الطالب من دراسة الفقه على مراحل زمنية متتالية، مما يساعده على فهم تطور الفقه ونشأة المذاهب الفقهية.
- حفظ التراث الفقهي، حيث يساهم هذا المنهج في حفظ التراث الفقهي، حيث يجمع أقوال الفقهاء في كل طبقة زمنية، مما يساعد على معرفة تطور الفقه واختلاف الآراء الفقهية.
- خدمة البحث العلمي، حيث يوفر هذا المنهج مادة علمية غنية للباحثين في مجال الفقه، حيث يمكنهم الرجوع إلى هذه الكتب لدراسة أقوال الفقهاء في كل طبقة زمنية.
وقد أثبت منهج التأليف حسب الطبقات نجاحه في علم الفقه، حيث أصبح من أهم مناهج التأليف في هذا العلم، ويستخدمه علماء الفقه حتى يومنا هذا.
وفيما يلي شرح مفصل لأهمية منهج التأليف حسب الطبقات في علم الفقه:
تسهيل دراسة الفقه:
يساهم منهج التأليف حسب الطبقات في تسهيل دراسة الفقه، حيث يتمكن الطالب من دراسة الفقه على مراحل زمنية متتالية، مما يساعده على فهم تطور الفقه ونشأة المذاهب الفقهية.
فمثلاً، إذا أراد طالب دراسة الفقه المالكي، فسيجد في كتاب "طبقات الفقهاء المالكية" لابن أبي زيد القيرواني المتوفى عام 310 هـ، ترتيب الفقهاء المالكية حسب تتابعهم الزمني، حيث يبدأ الكتاب بذكر أقدم الفقهاء المالكية، وهم فقهاء المدينة المنورة، ثم يليهم فقهاء العراق، ثم فقهاء المغرب.
وهذا الترتيب الزمني يساعد الطالب على فهم تطور الفقه المالكي، حيث يتمكن من معرفة كيف انتقل الفقه المالكي من المدينة المنورة إلى العراق، ثم إلى المغرب.
حفظ التراث الفقهي:
يساهم منهج التأليف حسب الطبقات في حفظ التراث الفقهي، حيث يجمع أقوال الفقهاء في كل طبقة زمنية، مما يساعد على معرفة تطور الفقه واختلاف الآراء الفقهية.
فمثلاً، إذا أردنا معرفة آراء الفقهاء في مسألة معينة، فسيسهل علينا ذلك إذا وجدنا كتاباً يجمع آراء الفقهاء في هذه المسألة حسب تتابعهم الزمني.
وهذا المنهج يساعد على حفظ التراث الفقهي، حيث يجمع أقوال الفقهاء في كل طبقة زمنية، مما يوفر مادة علمية غنية للباحثين في مجال الفقه.
خدمة البحث العلمي:
يوفر منهج التأليف حسب الطبقات مادة علمية غنية للباحثين في مجال الفقه، حيث يمكنهم الرجوع إلى هذه الكتب لدراسة أقوال الفقهاء في كل طبقة زمنية.
فمثلاً، إذا أراد باحث دراسة تطور مذهب معين في الفقه، فسيجد في كتب الطبقات مادة علمية غنية تساعده على تحقيق هدفه.
وهذا المنهج يخدم البحث العلمي في مجال الفقه، حيث يوفر مادة علمية غنية للباحثين، مما يساعدهم على تحقيق أهدافهم البحثية.