تُعتبر دراسة القدرات العقلية ، وكيفية تطويرها ، وتنميتها، من أهم موضوعات علم النفس، التي تهم المدرسين والعاملين في الحقل التعليمي ، فالمجال الرئيسي لهذه الدراسة هو البحث الكمي للفروق الفردية في القدرات العقلية والذكاء ، وتفسير هذه الفروق تفسيراً علمياً سليماً، فيهتم ببيان طبيعة الفروق في القدرات العقلية ، وكيفية تأثيرها بعوامل النمو والتدريب ، وارتباط هذه القدرات في صورة تنظيم معين ، كما يمتد إلى وسائل قياس القدرات العقلية ، والشروط الواجب توافرها في هذه الوسائل ، وكيفية تطويرها والإفاده منها ، ويتبين لنا من خلال دراسة قدرات العقل الأساسية أن وجود فروق بين الناس في قدراتهم العقلية ، لا يعني وجود أو غياب هذه الخصائص عند فرد ما ، فليس هناك إنسان كامل الذكاء ، أو إنسان مُعدَم الذكاء ، وإنما تُقاسُ هذه الفروق بشكل نسبي حسب مقياس مستمر لأي خاصية من خصائص السلوك العقلي ، بمعنى أن الناس لا ينقسمون إلى أنماط متمايزة في قدراتهم العقلية المختلفة وإنما يختلفون في درجة وجود هذه القدرات.
كيف تطور قدراتك العقلية؟
أوضحت الدراسات العلمية الحديثة أن الناس يستخدمون ١٠% فقط من قدراتهم العقلية الكامنة ، حتى عند بذلهم أقصى درجات التفكير ، ولكنَّ السعي إلى تنمية العقل بالتحفيز والتدريب يمكّن الإنسان من محاولة استغلال نسبة أعلى من قواه العقلية بعدة طرق ، منها:
تنمية القدرات العقلية اللفظية :
القدرات العقلية اللفظية أو ما يُعرف بالذكاء اللفظي ، أو اللغوي ، هو قدرة الإنسان على استخدام الكلمات ومرادفاتها، وصياغة الجُمل بمهارة وإبداع ، والقدرة على التحدث والكتابة بأسلوبٍ مميز ، ويمكن تنمية هذا النوع من القدرات العقلية من خلال القراءة الهادفة المستمرة ، وتعلم معاني وأصول الكلمات ، والمصطلحات العامة ، وحضور الندوات والمحاضرات والتعامل مع المتحدثين اللبقين ، وممارسة بعض الألعاب الكلامية ، لزيادة حصيلة العقل اللغوية.
تنمية القدرات العقلية المرئية :
الذكاء المرئي أو البصري ، وهو قدرة الإنسان على التخيل ، وتكوين الصور والأشكال المتعددة ، وتخيل الكيفية التي تكون عليها الأشياء ، وآلية عملها ، ويتم تنمية القدرة على التخيل من خلال تعلم المعلومات الجديدة باستخدام الصور والأشكال والملصقات ، ومحاولة تعلم الرسم وممارسته ، وقراءة الصحف والمجلات الملونة، ومما يجدر ذكره أن غالبية العباقرة في التاريخ عملوا على استخدام وتنمية مخيلتهم لزيادة عبقريتهم.
تنمية القدرات العقلية المنطقية :
الذكاء المنطقي أو الرياضي ، وهو قدرة الإنسان على التفكير باستخدام الأرقام ، ويتمتع ممتلكوه بقدرة عالية على حل الألغاز والألعاب المنطقية ، ويمكن تنمية القدرة العقلية المنطقية من خلال الاهتمام بدراسة الرياضيات ، والعلوم ، والمحاسبة ، وممارسة الألعاب ، والألغاز المنطقية.
تنمية القدرات العقلية العاطفية :
الذكاء العاطفي ، الذي غالباً ما يسمى المعامل العاطفي ، وهو مقدار تحكم الإنسان بعواطفه ، والوعي بها، وإدارة مشاعره الخاصة ذاتياً ، ويمكن زيادة القدرة العقلية العاطفية من خلال محاولة الإنسان فهم عواطفه الشخصية بصورة واضحة ، وفهم عواطف الآخرين ، وإدارتها قدر الإمكان.
الاهتمام الصحي ، والغذاء ، والنوم الجيد :
عوامل مهمة لها تأثير كبير على صحة الدماغ ، وتعلم المهارات البدنية ، وممارسة التمارين الرياضية ، وتحفيز الجسد لممارسة أي عمل بدني ، أو تجربة بدنية جديدة ، فقوة العقل تزداد بازدياد قوة الجسد ، وكما قيل قديماً : العقل السليم في الجسم السليم.
التعلم المستمر :
حيث إن استمرار الإنسان في التعلم يساعد على الحفاظ على قوة قدراته العقلية المختلفة ، وازدياد نشاطه الفكري ، وتنشيط العمليات التي تساعد على الحفاظ على خلايا الدماغ والتواصل بينها ، بالإضافة إلى تعلم هوايات ومهارات جديدة تنمي النشاط الفكري والذهني.
كيف تطور قدراتك؟
تحسين القدرة على التواصل
الاتصال والتواصل الجيد مع الآخرين من أكثر القدرات والمهارات المهمة للشخص، حيث إن الشخص يحتاج لهذه المهارات للحصول على المعلومات من الآخرين أو نقل معلومات إليهم ، ويساعد العثور على أمور مشتركة مع المُتلقين على تأسيس الثقة معهم ؛ لكن يجب الحرص على احترام وجهات النظر المختلفة واختلاف الشخصيات والثقافات التي يتم التعامل معها، ومن الضروري امتلاك القدرة على التفاوض واقناع الآخرين.
التفكير النقدي
يساعد التفكير النقدي على تحسين مهارات الشخص العقلية وعلى تجنب التعرض للخداع من الآخرين في حياته ، وقد يبدو هذا الأمر صعباً في البداية ، لكنها مهارة تحتاج إلى بعض بعض التدرب لتعلمها وليست صعبة ، ويعتبرها البعض ميزة لدى القادة والمفكرين المستقلين وقيمتها المُنعكسة على الشخص كبيرة جداً.
القدرة على التعلم
واحدة من المهارات والقدرات الهامة التي على الشخص أن يسعى إلى تطويرها لديه هي القدرة على التعلم ، حيث أن الأشخاص الناجحون غالباً ما يكونوا أكثر حباً لتعلم الأشياء الجديدة ويمتلكون فضولاً تجاه المواضيع المختلفة ، لكن الفضول لا يكفي ؛ بل يجب أيضاً تحسين القدرة على التعلم بشكلٍ صحيح للاستفادة قدر الإمكان مما يتم تلقيه من معرفة.