الآية الكريمة التي تتحدث عن فرار الإنسان من أقاربه هي قوله تعالى:
يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه
(سورة المعارج، الآية 34)
تفسير هذه الآية يعتمد على فهم المراد بكلمة "يفر". فهناك من يرى أن المراد بها الفرار المطلق، أي أن الإنسان سيهرب من جميع أقاربه في يوم القيامة. وهناك من يرى أن المراد بها الفرار من المسؤولية، أي أن الإنسان سيهرب من تحمل المسؤولية تجاه أقاربه يوم القيامة.
أما بالنسبة لترتيب الأقارب في الآية، فهناك عدة تفسيرات محتملة:
-
التفسير الأول: أن الترتيب مبني على درجة القرابة، حيث يبدأ بالأخوة، وهم أقرب الأقارب بعد الأب والأم. يليهم الأم، ثم الأب، ثم الزوجة، ثم الأبناء.
-
التفسير الثاني: أن الترتيب مبني على الدور الاجتماعي الذي يقوم به كل قريب. فالأخ هو السند في الشدائد، والأم هي مصدر الحنان والرعاية، والأب هو المسؤول عن تربية الأبناء ورعايتهم، والزوجة هي شريكة الحياة والسكن، والأبناء هم زينة الحياة الدنيا.
-
التفسير الثالث: أن الترتيب مبني على المعاني النفسية التي ترتبط بكل قريب. فالأخ هو أقرب الأقارب إلى الإنسان من حيث الصفات المشتركة، والأم هي أقرب الأقارب إلى الإنسان من حيث المحبة والحنان، والأب هو أقرب الأقارب إلى الإنسان من حيث السلطة والتوجيه، والزوجة هي أقرب الأقارب إلى الإنسان من حيث العلاقة الجسدية والنفسية، والأبناء هم أقرب الأقارب إلى الإنسان من حيث الأمل والمستقبل.
ولعل التفسير الثالث هو الأكثر شمولاً، حيث يجمع بين التفسيرين الأول والثاني. كما أنه يتوافق مع المعنى العام للآية، وهو أن الإنسان سيشعر بالوحدة والضياع يوم القيامة، ولن يجد من يلجأ إليه من أقاربه.
وهكذا، فإن ترتيب الأقارب في الآية الكريمة يعكس أهمية كل قريب في حياة الإنسان، كما يعكس المعاني النفسية التي ترتبط بكل قريب.