الجواب
الجواب على هذا السؤال هو نعم، من اليسر التساهل في إقامة الحدود وتخفيفها وعدم إقامتها. وذلك لأن الإسلام دين اليسر، وهو دين الرحمة والتسامح. وقد جاء في القرآن الكريم:
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (البقرة: 185).
وجاء في السنة النبوية:
إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه (رواه مسلم).
ومعنى التساهل في إقامة الحدود هو عدم التشدد في تطبيقها، وذلك مراعاة لظروف مرتكب الجريمة ومدى توبته منها. وقد نص الفقهاء على أن الحدود لا تُقام إلا بشروط معينة، منها أن يكون الجرم ثابتًا بدليل شرعي، وأن يكون مرتكب الجرم بالغًا عاقلًا، وأن يكون قادرًا على تحمل العقوبة، وأن لا يكون هناك مانع شرعي من إقامة الحد.
التفسير الموسع
يمكن تفصيل الجواب على هذا السؤال على النحو الآتي:
أولاً: التساهل في إقامة الحدود من اليسر، لأن اليسر هو صفة من صفات الله تعالى، وهو أمر مطلوب في جميع الأمور، بما في ذلك إقامة الحدود. فقد جاء في القرآن الكريم:
وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (الحج: 78).
ومعنى ذلك أن الله تعالى لم يجعل في الدين شيء من المشقة أو الصعوبة، بل جعل فيه اليسر والسهولة.
ثانيًا: التساهل في إقامة الحدود من الرحمة، لأن الرحمة هي من صفات الله تعالى أيضًا، وهي أمر مطلوب في معاملة الناس، بما في ذلك مرتكبي الجرائم. فقد جاء في القرآن الكريم:
وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (الأحزاب: 43).
ومعنى ذلك أن الله تعالى رحيم بعباده، ويريد لهم الخير والصلاح، ومن رحمته بهم أن ييسر عليهم الأمور، بما في ذلك إقامة الحدود.
ثالثًا: التساهل في إقامة الحدود من التسامح، لأن التسامح من صفات المسلم أيضًا، وهو أمر مطلوب في معاملة الناس، بما في ذلك مرتكبي الجرائم. فقد جاء في الحديث النبوي:
من عفو عن مظلوم يمحق الله عنه ذنوبه (رواه ابن ماجه).
ومعنى ذلك أن من عفا عن مظلوم يمحو الله تعالى عنه ذنوبه، وهذا دليل على فضل التسامح.
رابعًا: التساهل في إقامة الحدود من مصلحة المجتمع، لأن إقامة الحدود على مرتكبي الجرائم تؤدي إلى ردعهم عن ارتكابها مرة أخرى، إلا أن التساهل في إقامة الحدود قد يكون له أثر إيجابي في إصلاح مرتكب الجريمة، وعودته إلى المجتمع كفرد صالح.
خامسًا: التساهل في إقامة الحدود لا يعني عدم إقامة الحدود إطلاقًا، بل يعني عدم التشدد في تطبيقها، وذلك مراعاة لظروف مرتكب الجريمة ومدى توبته منها. فقد نص الفقهاء على أن الحدود لا تُقام إلا بشروط معينة، منها أن يكون الجرم ثابتًا بدليل شرعي، وأن يكون مرتكب الجرم بالغًا عاقلًا، وأن يكون قادرًا على تحمل العقوبة، وأن لا يكون هناك مانع شرعي من إقامة الحد.
خاتمة
وبناءً على ما سبق، فإن التساهل في إقامة الحدود وتخفيفها وعدم إقامتها من اليسر والرحمة والتسامح، ومن مصلحة المجتمع، ولا يعني عدم إقامة الحدود إطلاقًا.