حكم مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدائح التي فيها غلو لا يصل للشرك
الحكم الشرعي
المدح في اللغة هو الإطراء والثناء والتقدير، أما الغلو فهو مجاوزة الحد في الوصف أو الثناء.
وحكم مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدائح التي فيها غلو لا يصل للشرك هو المنع، وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حذرنا من الغلو في حقه، فقال: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله" (رواه البخاري).
ومعنى الحديث: لا تبالغوا في مدحي حتى تصلوا إلى درجة الاعتقاد أنني أستحق أكثر مما أستحق، فإنني عبد لا يستحق إلا ما يستحقه العبد، فقولوا: أنا عبد الله ورسوله، أي: أعبد الله وأكون رسوله.
وهذا الحديث يدل على أن الغلو في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- حرام، سواء كان هذا الغلو في الثناء عليه، أو في وصفه، أو في عبادته.
التفسير الموسع
الغلو في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- له عواقب وخيمة، منها:
- الخروج عن دائرة التوحيد، لأن الغلو يؤدي إلى الاعتقاد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يستحق منزلة لا يستحقها إلا الله تعالى، وهذا الاعتقاد هو الشرك الأكبر المخرج من الملة.
- الفتنة بين المسلمين، لأن الغلو يؤدي إلى الخلاف والنزاع بين المسلمين، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك فقال: "إياكم والغلو في الدين، فإن الغلو أهلك من كان قبلكم" (رواه أحمد).
- الابتعاد عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم، لأن الغلو يؤدي إلى التعلق بالبدع والضلالات، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (متفق عليه).
أما إذا كان المدح في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- خالياً من الغلو، فإنه جائز، بل مستحب، لأن المدح من أنواع التعظيم، والتعظيم من أنواع الطاعة.
وعلى المسلم أن يحرص على مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- بما هو أهله من الأوصاف الحميدة، وأن يتقي الغلو في حقه، وذلك امتثالاً لأمر الله تعالى: "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" (النساء: 59).
بعض الأمثلة على المديح الذي لا يدخل في الغلو
من الأمثلة على المديح الذي لا يدخل في الغلو:
- وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه أشرف الخلق، وأكمل الرسل، وأعظم المرسلين.
- ذكر صفاته الخلقية الجميلة، مثل: حسن الخلق، والحلم، والرحمة.
- ذكر صفاته الخُلقية العظيمة، مثل: العدل، والصدق، والحكمة.
- ذكر أخلاقه الحميدة، مثل: الإيثار، والتواضع، والصبر.
وهذا هو المدح الذي يوافق السنة النبوية، وهو الذي ينفع المسلم في الدنيا والآخرة.