من المسائل التي اختلف فيها العلماء بسبب وجود التعارض بين الأحاديث عند بعضهم مسألة حكم قراءة الفاتحة في الصلاة.
وردت أحاديث صحيحة متواترة تدل على وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة، منها:
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب" (رواه البخاري ومسلم).
- حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج ثلاثاً" (رواه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه).
ووردت أحاديث أخرى صحيحة تدل على جواز ترك قراءة الفاتحة في الصلاة، منها:
- حديث المسيء صلاته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "ثم اقرأ ما تيسر من القرآن" (رواه البخاري ومسلم).
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن رجلاً صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقرأ بأم الكتاب، فلما صلى قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اقرأ بأم الكتاب، فإنها أم القرآن، وركنها" (رواه أحمد وابن ماجه).
ونظراً لهذا التعارض الظاهر بين الأحاديث، فقد اختلف العلماء في حكم قراءة الفاتحة في الصلاة، فذهب الجمهور إلى وجوب قراءتها، وذهب الحنفية إلى جواز تركها.
وهناك عدة طرق لإزالة التعارض بين هذه الأحاديث، منها:
- حمل الحديث الأول على الوجوب، والحديث الثاني على الجواز.
- حمل الحديث الأول على الفرض، والحديث الثاني على الندب.
- حمل الحديث الأول على صلاة الجماعة، والحديث الثاني على صلاة الفرض أو النفل.
ويرى بعض العلماء أن التعارض بين هذه الأحاديث غير حقيقي، وإنما هو من قبيل تعارض المطلق مع المقيد، أو تعارض العام مع الخاص، أو تعارض الحكم مع علته.
وعلى أي حال، فإن اختلاف العلماء في هذه المسألة يدل على أن الشريعة الإسلامية مرنة، وتراعي أحوال الناس، وتيسر عليهم في العبادات.