قاطع الرحم هو من يتفضل ولا يتفضل عليه
في اللغة العربية، "يتفضل" يعني يبذل من فضله وعطائه، و"لا يتفضل عليه" يعني لا يقابل هذا الفضل بمثله.
وبناءً على ذلك، فإن قاطع الرحم هو الشخص الذي يبذل من فضله وعطائه لأقاربه، ولكنهم لا يقابلون هذا الفضل بمثله، بل قد يقابلونه بالإساءة أو الجفاء.
وهذا النوع من قطيعة الرحم هو أشد أنواعها، لأنه يجمع بين إيذاء الأقارب وبخلهم.
وقد وردت هذه العبارة في حديث نبوي عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟" ثَلَاثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَوْلُ الزُّورِ". ثُمَّ قَالَ: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يَمَحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟" قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرَّهْبَانِيَّةُ الصَّحِيحَةُ".
وفي هذا الحديث، رتب النبي صلى الله عليه وسلم قاطع الرحم على رأس الكبائر، بعد الشرك بالله وعقوق الوالدين.
وذلك لأن قطيعة الرحم من أشد أنواع الإيذاء للآخرين، وهي تؤدي إلى تفكك المجتمع وانتشار الفساد.
وقد نهى الله تعالى عن قطيعة الرحم في كتابه الكريم، فقال: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء: 1.
وقال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) محمد: 22-23.
وعقوبة قاطع الرحم في الدنيا والآخرة شديدة، فقد يُعاقب في الدنيا بقطع رزقه وحرمانه من السعادة، وقد يُعاقب في الآخرة بدخول النار.
فمن أراد أن يفوز بالسعادة في الدنيا والآخرة، فعليه أن يحافظ على صلة الرحم، وأن يعامل أقاربه بالحسنى والبذل والعطاء.