حكم مرتكب الكبائر أنه مسلم عاصي، أي أنه لا يزال مسلمًا، ولكن عليه أن يتوب إلى الله من ذنبه. فإن تاب تاب الله عليه، وإن مات على معصيته؛ فهو تحت مشيئة الله، إن شاء الله عفا عنه، وأدخله الجنة بتوحيده وإسلامه، وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، ثم يخرج من النار بعد التطهير، يخرجه الله من النار إلى الجنة.
وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، وهو الذي دل عليه الكتاب والسنة. قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]. فهذا يدل على أن الله يغفر كل الذنوب إلا الشرك، فمن لم يتب من الشرك حتى مات لا يغفر الله له، وأما غير الشرك فإنه يغفره عز وجل دون توبة إن شاء.
وجاء في السنة النبوية ما يدل على ذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" [رواه الترمذي].
وأما الخوارج والمعتزلة فإنهم يقولون: إن مرتكب الكبيرة يكفر، ويخلد في النار. وهذا القول باطل، وهو مخالف لكتاب الله وسنة رسوله.
وأما حكم مرتكب الكبائر في الدنيا، فإن عليه التوبة إلى الله، وعليه أن يندم على ذنبه، ويعزمه على عدم العودة إليه، وأن يرد الحقوق إلى أصحابها إن كان قد ظلمهم. كما يجب عليه أن يؤدي ما عليه من حقوق الله، كالصلوات والزكاة والحج، وأن يترك ما حرم الله عليه.
وإذا أظهر مرتكب الكبيرة ذنبه، أو استحله، أو استخف به، فإنه يستحق العقوبة الدنيوية، كالجلد أو السجن أو القتل، بحسب ما يقرره ولي الأمر.
وخلاصة القول: إن حكم مرتكب الكبائر أنه مسلم عاصي، عليه التوبة إلى الله، وعليه أن يرد الحقوق إلى أصحابها، وأن يترك ما حرم الله عليه، وإن أظهر ذنبه أو استحله أو استخف به، فإنه يستحق العقوبة الدنيوية.