الجواب:
لا يجب على المرأة تغطية وجهها، وكفيها في الصلاة إذا كانت لوحدها، بل السنة لها أن تكشف وجهها وكفيها في الصلاة، وهذا هو قول جمهور أهل العلم، منهم الأئمة الأربعة، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وابن باز، وابن عثيمين.
ودليل ذلك ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا و هذا"، وأشار إلى وجهها وكفيها.
وهذا الحديث يدل على أن المرأة يجب عليها ستر وجهها وكفيها إذا كانت في موضع يطلع عليها فيه الرجال الأجانب، أما إذا كانت لوحدها فلا يجب عليها ذلك.
وهناك من العلماء من يرى أن يجب على المرأة تغطية وجهها وكفيها في الصلاة حتى لو كانت لوحدها، وهذا هو قول الشافعية، وابن حزم.
ودليلهم على ذلك ما روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في بيتي، وكنت أمشي بين يديه، وكنت إذا سجد كشفت عن رأسي، وإذا قام خمرته".
وهذا الحديث يدل على أن عائشة رضي الله عنها كانت تغطي وجهها في الصلاة، حتى لو كانت في بيتها لوحدها.
ولكن هذا الحديث ضعيف الإسناد، فلا يصح الاحتجاج به.
وعليه، فإن القول الراجح هو أن المرأة لا يجب عليها تغطية وجهها، وكفيها في الصلاة إذا كانت لوحدها، بل السنة لها أن تكشف وجهها وكفيها في الصلاة.
التفسير الموسع:
الوجه والكفان من العورة التي يجب على المرأة سترها عن الرجال الأجانب، وذلك لقوله تعالى: "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُ عَلَيْهِمُ الْعَوْرَةُ" (النور: 31).
ولكن إذا كانت المرأة لوحدها، فلا يوجد من يطلع عليها فيه رجال أجانب، فلا يجب عليها ستر وجهها وكفيها في الصلاة.
وهذا الحكم مبني على القاعدة الفقهية التي تقول: "ما لا يصح إلا بوجوده، فلا يصح وجوده بفقده".
فستر الوجه والكفين في الصلاة لا يصح إلا إذا كان هناك رجل أجنبي يطلع عليها فيه، فإذا لم يكن هناك رجل أجنبي، فلا يصح ستر الوجه والكفين.
وهناك حكمة أخرى في عدم وجوب تغطية الوجه والكفين في الصلاة إذا كانت المرأة لوحدها، وهي أن المرأة في الصلاة تكون في حالة من الخشوع والتوجه إلى الله تعالى، فلا يجوز أن يشغلها شيء عن عبادتها.
وستر الوجه والكفين قد يشغل المرأة عن الصلاة، وقد يلفت نظرها إلى نفسها، مما